الإشاعة:
ينفر كثيرون من الاحتفاظ بمدخراتهم في البنوك في شكل ودائع بنكية، وذلك تأثرًا بترويج البعض لتحريم فوائد البنوك، وهو ما يجعل الجدل يُثار من من وقت لآخر حول ذلك الأمر، وبالتالي هل حقًا تُعتبر فوائد البنوك ربا وحرام شرعًا؟!
الحقيقة:
– أوضحت دار الإفتاء المصرية أن إيداع الأموال في البنوك وأخذ الأرباح بناء على ذلك أمر جائز شرعًا ولا إثم فيه، وليس من الربا في شيء، بل هذا من العقود المستحدثة التي تتفق مع المقاصد الشرعية للمعاملات في الفقه الإسلامي، والأرباح التي يدفعها البنك للعميل هي عبارةٌ عن تحصيل ثمرة استثمار البنك لأموال المودعين وتنميتها، ولا حرمة في ذلك شرعًا ولا حرج.
– قالت دار الإفتاء إن فوائد البنوك ليست حرامًا، لأنها ليست فوائد قروض، وإنما هي عبارة عن أرباح تمويلية ناتجة عن عقود تُحقِّق مصالح أطرافها، ولذلك يجوز التعامل مع البنوك وأخذ فوائدها شرعًا، والإنفاق منها في جميع أوجه النفقة الجائزة من غير حرج.
– أوضح د. عمرو الورداني، مدير إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية، أن فوائد البنوك لا تعتبر حرامًا أو ربا، وفسر ذلك بأن الإيداع معناه إعطاء الأموال، وإعطاء الأموال له صورتين في الشريعة الإسلامية: الصورة الأولى هي إعطاء المال على سبيل المعاوضة والمبادلة وهي ما نص عليه قوله تعالى “وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْع” فيأخذ الطرف سلعة ويعطي ثمنها للآخر، وهذا يكون بغرض الربح، أما الصورة الثانية: هي إعطاء المال بدون انتظار مقابل أو غرض الربح، كالهدية مثلا، أو إعطاء المال للآخر بدون زيادة، وهي ما يعرف بعقود التبرعات.
– ذكر الورداني أنه بعد إيداع الناس أموالهم في البنوك، بدأ العلماء المعاصرون ينظرون إلى عملية الإيداع من ناحيتين:
1. بعضهم قال إن هذه العملية لا يصلح إطلاق مصطلح قرض عليها، ولا يصلح أن تكون مضاربة، فنظروا إلى هذه العملية عن طريق “العقود المسماة”، فهناك 25 عقدا من عقود المعاملات المالية تسمى بـ”العقود المسماة”.
2. البعض الآخر قال إنه يجب ألا نقف عند العقود المسماة فقط، فهناك ما يعرف بـ”العقود غير المسماة”، وهذا حدث في تاريخ المسلمين سابقا، فظهر ما يعرف ببيع الوفاء، وهو بيع العين مع وعد بشرائها مرة أخرى حينما يتحصل البائع على أموال لشراء العين مرة أخرى، وهذا معناه أن هذه العملية تعد من العقود الجديدة المستحدثة، كبيع المعاملة وبيع الوفاء وهذا ما أحله الحنفية.
– توصل العلماء إلى تسمية عملية الإيداع بعقد الاستثمار، فهناك عقد الصناعة وعقد التجارة وعقد الزراعة، ونضيف عليهم عقد الاستثمار كعقد من العقود المستحدثة ويسمى بـ”العقد السادس والعشرين” في العقود المالية.
– هناك شروط في العقود المستحدثة لئلا يأتي أي شخص بمعاملة ويطلق عليها عقد مستحدث من أجل العمل به، وهذه الشروط الثلاثة هي: “أن العقد لا يخالف نصا شرعيا، وأن يحقق مصلحة للمتعاقدين، وأن يحافظ على توازن السوق”.