الإشاعة:
على مدار فترات زمنية عديدة، وبين الحين والآخر، يتجدد الحديث عن أن هناك كائنات فضائية قد زارت المصريين القدماء وساعدتهم في بناء الأهرامات وشؤون الحُكم، وكانت آخر هذه المزاعم ما نشره موقع “Mysterious Universe” العلمي من أخبار تفيد بأن باحثين قد عثروا على حصى فريدة من نوعها في جنوب غرب مصر تُعرف باسم حجر “هيباتيا”، وتتميز باحتوائها على نسبة أكبر من الهيدروكربونات عكس مكونات الحصى العادي على كوكبنا.
كما ربط الموقع بين المعلومات السابقة وتصريح أطلقه جوليو ماجلي، رئيس قسم الرياضيات وأستاذ علم الآثار في جامعة بوليتكنيك بإيطاليا، معلنًا فرضية مفادها أن التجويف الغامض، الذي اكتشفه علماء الآثار في الهرم الأكبر للملك الفرعوني خوفو، يشمل عرش الملك المصنوع من الخشب والحديد المتداخل مع مكونات النيازك، التي سقطت على الأرض منذ آلاف السنوات، موضحًا أيضًا أن العلماء قد عثروا على سكين يرجع إلى الملك الفرعوني توت عنخ آمون، وعقب فحص السكين لاحظوا أن من بين المواد المستخدمة في صناعة السكين مُركبات نيزكية.
ومن بين مزاعم الموقع أيضا، صور برديات وعُملات عليها نقوش لكائن غريب، حيث يفترض الموقع أنه نقش لكائن فضائي، وكذلك نقوش تظهر أشكال طائرة هليكوبتر وغواصة ومركبة فضائية، الأمر الذي يشير إلى زيارات خارجية قادمة إلى مصر في زمن الفراعنة، وأيضا صورة لأخناتون، الذي لحقت به الشائعات حول حكمه لمصر بمساندة فضائيين، إذن وبعد كل ذلك، ما هي الحقيقة؟
الحقيقة:
– نفى د. زاهي حواس، عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق، كل الافتراضات والمزاعم بشأن زيارة الكائنات الفضائية للمصريين القدماء ومساعدتهم في حكم مصر وبناء الأهرامات، مشيرا إلى عدم وجود أي أدلة علمية تدعم هذه المزاعم.
– أوضح حواس أن هناك أدلة لغوية مكتوبة داخل المقابر تشير إلى خوفو وهرمه، وإلى الملك بنفسه، إضافة إلى أنه بداخل الهرم الأكبر هناك كتابات ونقوش تؤكد على بناء المصريين القدماء للأهرامات، مشيرا إلى أن الملك رمسيس الثاني كان مصري من الشرقية، وكل عائلته حكمت مصر من الدلتا.
– أكد حواس أنه وجد مقابر بناة الأهرامات التي تفيد بأنهم مصريون، مشيرا إلى أن الأهرامات مشروع وطني للوطن بأكمله.
– نفى فرنسيس أمين، المؤرخ المصري وخبير علم المصريات، المزاعم التي تفيد أن هناك نصوص فرعونية تكشف أن العرش الملكي لخوفو من الحديد النيزكي، مشيرا إلى أن نصوص الأهرامات لم تذكر كلمة واحدة حول مادة الحديد، لكنها سجلت عبارات عن العرش الراسخ أو الثابت والقوي، حتى أن كلمة الحديد لم تكن في الهيروغليفية حينها.
– أوضح أمين أن مزاعم جوليو ماجلي بشأن استخدام الفراعنة للمواد التي تدخل في تركيب النيازك هي مزاعم مزيفة، مشيرا إلى أنه في حالة كان هناك إثبات واحد يؤكد أن سيف توت عنخ آمون مصنوع من مواد النيازك، كانت أول من تعلن ذلك المجلات العلمية، حيث يُعترف وقتها بالمعلومة على أنها حقيقة وليست فرضية.
– أكد أمين أنه لا يمكن إثبات تركيب أي قطعة أثرية دون أخذ عينة منها وفحصها ودراستها، وذلك غير مسموح به على الإطلاق سواء للعلماء المصريين أو الأجانب، لكن يسمح بمعاينة السطح الخارجي ويحمل اسم “باتينة”، وحتى إن كان ماجلي قد فحص “الباتينة” لن يتمكن من التعرُّف على المادة الأصلية التي صنع منها السكين بفعل الرطوبة وعوامل المناخ.
– فسر أمين أن العملة، التي زعم الموقع أن عليها نقوش لكائن غريب، هي عملة غير مصرية ولا تمت بأي صلة لعصر ملوك الفراعنة، والمنقوش أعلاها هي أحرف لاتينية.
– وصف أمين الأشكال المنقوشة بأنها خرافة، والنقش عبارة عن عدد من الأسماء والألقاب، كما أن حروفهم تداخلت بسبب إحلال الملك رمسيس الثاني، على يد كهنته، لألقاب والده سيتي الأول عن طريق وضع مادة الجبس ونقش ألقابه أعلى الجبس تاركين باقي النص.
– نفي أمين تمامًا وجود أي نص فرعوني في زمن الفرعون أخناتون يشير إلى أن فضائيين ساندوه في الحكم، موضحا أن نصوص أخناتون قليلة في الأساس، وهي لوحات الحدود ونصين آخرين يشملان الصلاة الكبرى والصغرى.
– وبخصوص رسومات المركبات الفضائية، قال أمين إنه من الممكن تقليد رسومات الفراعنة، لأنها نوع من الكتابة يرتكز على الرسم ولا تعتبر دليل أن هناك صلة بين الفراعنة والفضائيين.
– أكد أمين أيضا أن هناك تطوّرًا معماريًا تدريجي للأهرامات، الأمر الذي ينفي تدخل الكائنات الفضائية في بنائها، حيث بدأت فكرة تأسيس القبور بالمصاطب إلى أن توصلوا إلى بناء شكل هرمي من أجل حماية الجثامين من الفيضانات وأثارها المدمرة لمعالم الأرض.
– نفى أيضًا د. حسن سليم، أستاذ علم الآثار بجامعة القاهرة، مزاعم جوليو ماجلي، مؤكدا أن كل تلك الفرضيات ليست حقيقية، والدليل على ذلك هو اكتشاف مقابر عُمّال بناة الأهرام، وهي مقابر تابعة للأسرة الرابعة، أي الملك خوفو وخفرع، وكذلك بردية “جرف حسين” بالنوبة، والتي تكشف كيف بنى الفراعنة هرم خوفو، موضحًا أن المهندس الذي بنى هرم خوفو هو “حم إيونو”، وأن أي فرضيات بخلاف ذلك هي فرضيات مغلوطة ومغرضة من أجل ألا يعترفون بأن المصريين هُم بناة الأهرامات.