الإشاعة:
على مدار عقود عدة، تداول الكثيرون روايات حول بناء أهرامات الجيزة عن طريق السُخرة، إلى حد أنهم زعموا أيضًا أنها لم تُبنى بأياد مصرية، فهل هذا صحيح؟
الحقيقة:
– أكد د. زاهي حواس، خبير علم المصريات ووزير الآثار الأسبق، أن مزاعم بناء الأهرامات بالسُخرة غير صحيحة جملةً وتفصيلًا، مضيفًا أن الفجوة التي وجدت في هرم خوفو والمقبرة التي وجدت بجوار الهرم، تثبتان أن المصريين هم بناة الأهرامات، لأن العمال إذا كانوا عبيدا فلن يدفنوا في مقبرة، وذلك بحسب مقطع فيديو بعنوان “موعد مع مؤلف” نشره مجلس الوزراء المصري.
– أوضح حواس أن الجبانة التي وجدت أسفل الهرم بها عمال تعرضوا لعملية بتر نتيجة وقوع الحجارة عليهم وسيدات كانت تعمل أيضا، والجبانة العلوية خاصة بالفنانين الذين بنوا الهرم.
– أوضح د. عيسى زيدان، مدير عام الترميم بالمتحف المصري الكبير، أن هناك الكثير من الأدلة العلمية التي تبرهن على أن الأهرامات صناعة مصرية وبأياد مصرية، وهي معروفة للجميع ومنشورة عالميًا وتحدث عنها الكثيرون من قبل، ومنها ما تذكره العديد من الاكتشافات الأثرية التي تبرهن على ذلك أولها “بردية وادى الجرف”، و”مدينة العمال بالجبل القبلي بالهرم”، و”مقابر العمال بناة الأهرامات بالجبل القبلي بالهرم”، وقد استعرض زيدان الأدلة الثلاثة على النحو التالي:
* بردية الجرف:
في عام 2011، قامت بعثة أثرية مشتركة من جامعة السوربون وجامعة أسيوط والمعهد الفرنسي للآثار الشرقية، بعمل حفائر في موقع وادي الجرف قرب الساحل الغربي لخليج السويس، وقد كشفت البعثة على مجموعة من المخازن محفورة بالجبل والتي كانت تستخدم لتخزين السفن التي كانت تنقل الأحجار، وأيضا اكتشفت البعثة مجموعة من الثكنات لسكن العمال، وكذلك أقدم رصيف حجري معروف حتى الآن، بالإضافة إلى مجموعة من البرديات تعرف باسم وادى الجرف وهو اكتشاف غاية في الأهمية، هذه البرديات دونها مجموعة من البحارة اللذين عملوا في الميناء والتي تضمنت في محتواها حسابات السلع والأطعمة التي يتسلمها العمال وكذلك تسجيل الأنشطة التي يقوم بها العمال.
وأوضحت البردية أيضا أن الملك خوفو كان يستخدم فرقًا من النخبة من العمال الذين يقومون بمهام مختلفة لإكمال رؤيتهم لبناء الهرم، كما وضحت كيف كان يتم العمل من خلال قيام الملك بتقسيم العمالة إلى فرق ذات مسؤوليات وأهداف واضحة، وتضم كل فرقة 160 رجلًا تنقسم إلى أربع مجموعات كل مجموعة 40 رجلًا من نخبة العمال.
* مدينة العمال بالجبل القبلي:
تم اكتشاف بقايا تجمع سكاني كبير، على يد عالم المصريات الأمريكي مارك لينر، يعرف باسم “حيط الغراب” في المنطقة الجنوبية الشرقية لهضبة الجيزة، حيث إنه كان المكان الذى عاش ومات فيه العمال الذين اشتركوا في بناء المجموعات الهرمية لكل من خفرع ومنكاورع، بالإضافة إلى بقايا سكنية أقدم ترجع لعهد خوفو.
كما تم الكشف عن منازل ومخازن وثلاثة شوارع رئيسية ومبنى إداري ملكي داخل أسوار تلك المدينة، وكذلك أربعة صالات ضخمة، يحتمل أن تكون هي الثكنات التي كان ينام فيها العمال بناة الأهرامات ويعدون بها طعامهم، وقد تم العثور على كمية هائلة من عظام السمك والطيور والأبقار والأغنام والماعز، مما يكشف تكفل الدولة برعاية العمال لضمان الحصول على أفضل مقابل في كفاءة العمل.
* مقابر العمال بالجبل القبلي بالجيزة:
اكتشفها د. زاهي حواس عام ١٩٩٠ وتعد من أهم الاكتشافات الأثرية، وهى تلقي الضوء على الفترة المبكرة للأسرة الرابعة، وعن العمال الذين قاموا ببناء الهرم وتقع هذه المقابر في الجبل القبلي بالهرم، وفي هذه المقابر دفن المشرفون ذوي الرتب البسيطة من العمال في مصاطب متواضعة على سفوح التلال المنخفضة، محاط بها مصاطب أصغر أو مقابر مقببة، بينما دفن المشرفون ذو الرتب العالية والحرفيون المهرة والفنانين في مصاطب حجرية كبيرة أعلى المنحدر، من بين تلك المقابر هناك مقبرة ذات زخارف بديعة تخص المشرف على صناعة الكتان والمشرف على بيت التطهير الملكي، وكون هذه المقابر تقع مباشرة إلى جوار الهرم بل وتطل عليه فهذا دليل على تكريم هؤلاء العُمال، وأن الأهرامات بُنيت على أساس من الحب والإخلاص والتفاني في العمل، وليس بالسُخرة كما يدّعي بعض المغرضين لأن السُخرة لا تنتج عملا بهذه الروعة والدقة.