in

إشاعة: كيلوبترا من أصول أفريقية

الإشاعة:

أثار فيديو دعائي طرحته منصة نتفليكس العالمية لفيلم وثائقي عن الملكة المصرية كليوباترا، جدلًا واسعًا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الساعات الماضية، وذلك بسبب إظهار كليوباترا بأنها تنتمي إلى أصول أفريقية من خلال ملامحها وبشرتها السمراء فضلا عن التصريحات التي وردت فيه مثل: “لا يهمني ماذا تعلمتم في مدرستك.. كليوباترا كانت مصرية سوداء.. مرجح أنها كانت مصرية سوداء تدافع عن شعبها وبلدها”، ومن المقرر أن يُعرض الفيلم في 10 مايو المقبل على المنصة الشهيرة.

الحقيقة:

بالبحث والتحقق من المعلومات التاريخية الموثقة في هذا الشأن، فقد تبين أن كليوباترا من أصول يونانية رومانية وأصل اسمها يعود إلى اليونان، وسلالتها بدأت مع بطليموس الأول، وقد حكمت مصر بعد وفاة الإسكندر الأكبر. لذا فهي من المستحيل أن تكون بهذه البشرة السمراء والأصول الإفريقية.
وهذه ليست المرة الأولى لتصوير كليوباترا على هذا الوضع فقد سبق ونقلت وسائل إعلام محلية تصريحات للدكتور زاهي حواس عالم المصريات وخبير الآثار العالمي عن هذا الشأن قائلا: “كانت لدى هوليوود رغبة في إنتاج فيلم عن كليوباترا ورشحوا فنانة سمراء للقيام بدورها، وعندما أخبروني قلت لهم إنها يونانية الأصل ومن المستحيل أن تكون سمراء، لذلك رشحت بقوة أنجلينا جولي لملامحها وشخصيتها المناسبة”.
وفي سياق متصل وعلى صعيد السينما العالمية، فقد سبق أن اختارت هوليوود الممثلة الأمريكية إليزابيث تايلور- والتي تعود إلى أصول إنجليزية وذات بشرة بيضاء بالفعل- ببطولة فيلمها الشهير “كليوباترا” عام 1963 وهي أشهر من قام بدورها، ولم يتساءل الجمهور حينها عن أصل أو لون الملكة. وفي عام 2019، وبعد أن تسربت أنباء عن ترشيح الممثلة أنجلينا جولي للقيام ببطولة فيلم عن كليوباترا، أثير الجدل حينذاك وكانت المقارنة بينها وبين ليدي جاجا، وانضم الأمريكيون ذوو الأصول الإفريقية لهذا الجدل ورشحوا الفنانة الأمريكية ذات البشرة السوداء ريهانا للقيام بالدور، وكانت حجتهم أن كليوباترا ملكة من مصر التي يتسم أهلها بالبشرة السمراء لأنها دولة تقع في القارة الإفريقية.
جدير بالذكر أن هذا الفيلم وغيره يقع ضمن مخططات ومزاعم حركة تُدعى “الأفروسنتريك” والمتعصبة للعرق الأسود، والتي يلاحظ انتشارها وتبنيها في الفترة الأخيرة من قبل العديد من المؤسسات والمشاهير.
تلك الحركة تروج أن الحضارة المصرية أصلها “زنجي إفريقي” من خلال العديد من الفعاليات والأعمال الفنية، ويعتبرها المختصون بالشئون الأثرية، إنها محاولة لسرقة تاريخ وحضارة مصر ونسبها لحضارات أخرى.
ولهذا أثيرت العديد من التساؤلات على منصات التواصل حول أجندة نتفليكس، كما طالب البعض الآخر بوقف عرض الفيلم، بسبب هذا التشويه المتعمد للحضارة المصرية، حيث علّق كبير الأثريين بوزارة الآثار مجدي شاكر على صفحته الشخصية على فيسبوك وقال: “لابد أن يقف كل المصريين ضد هذا الأمر، وضد هذه المنصة غير المسئولة”.
ومما سبق، يتضح أن أي مزاعم حول انتماء الملكة المصرية كليوباترا إلى أصول أفريقية واتسامها بملامح أفريقية وبشرة سمراء، ليس له أي سند تاريخي موثق سواء لدى الجانب المصري أو حتى الجانبين اليوناني أو المقدوني بحكم انتمائها الفعلي لتلك الجذور، وفقا لكل المعلومات التاريخية الموثقة والمتاحة والتي أوردها كبار الأثريين العالميين.