الإشاعة:
مع حلول شهر رجب، اعتاد بعض الناس القيام بما يُسمى بـ “طلعة رجب”، وهي الذهاب إلى المقابر في أول يوم من أيام شهر رجب لقراءة الفاتحة والتصدق على الأموات، لكننا نجد البعض ينهاهم عن ذلك بزعم أنه غير جائز شرعًا، فما حقيقة هذا الأمر؟!
الحقيقة:
- قالت دار الإفتاء المصرية إنه من المقرَّر شرعًا جواز الصدقة عن الميت، ووصول ثوابها إليه؛ حيث أجمع الفقهاء على ذلك ولم يُعرف بينهم خلاف فيه؛ إذ قال الإمام النووي في “المجموع”: “أجمع المسلمون على أنَّ الصدقة عن الميِّت تنفعه وتصله”.
- أوضحت دار الإفتاء أنه بالنسبة لعادة بعض الناس في إخراج تلك الصدقة في زمان معين أو مكان محدد؛ وذلك نحو ما يفعله البعض من توزيع الصدقات في شهر رجب عند زيارة قبور الأقارب المتوفَّين، وذلك بنية وهب ثواب إخراج الصدقة عند الميت، فهذا لا حرج فيه شرعًا، ويرجى وصول ثواب هذه الصدقة إلى المقصودين.
- أشارت دار الإفتاء إلى أن النصوص الواردة في جواز الصَّدقة عن الميت جاءت مطلقة، فيعم الجواز كل الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال ما لم يرد ما يُقيِّده، فإذا شرع الله تعالى أمرًا على جهة العموم أو الإطلاق فإنَّه يؤخذ على عمومه وسَعَته ولا يصح تخصيصه ولا تقييده بوجه دون وجه إلَّا بدليل، وإلَّا كان ذلك بابًا من أبواب الابتداع في الدين بتضييق ما وسَّعَه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
- الصدقة في الأيام والشهور الفاضلة مستحبة شرعًا، فقد روي عن محمـد بن مَسْلَمَةَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا”.
- من المعروف أن شهر رجب من الأشهر الحرم التي رغَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الناس في الإقبال على الطاعات فيها، وبالأخص ما يكون نفعه متعديًا؛ كالصدقات وإطعام الطعام، ونحو ذلك؛ فعن نُبَيْشَةَ رضي الله عنه، قال: نادى رجل وهو بِمِنًى فقال: يا رسول الله، إنا كنا نَعْتِرُ عَتِيرَةً في الجاهلية في رجب، فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: “اذْبَحُوا فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبَرُّوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْعِمُوا”.