الإشاعة:
الحديث في المسائل الدينية والفتاوى دون علم بها صار سمة هذا العصر، فهناك من يتفننون في تحريم كل ما لا يعلمون عنه شيئًا، دون دراية حقيقة بمسؤولية ذلك، وكان حكم إعطاء الزكاة للأطفال مجهولي النسب، أحد هذه الأمور، حيث زعم البعض أن إعطاءها لهم حرام شرعًا، تُرى ما حقيقة هذا الأمر؟!
الحقيقة:
- أكدت دار الإفتاء المصرية أن مجهولي النسب هم مِن أَولى الناس بالرعاية؛ لأنهم لا يَعرفون لأنفسهم مَن يقوم بشؤونهم غير مَن يكفلهم، فيُستحَبُّ إعطاؤهم من الصدقة، وإذا كانوا فقراء فإنهم من أصناف الزكاة، يُعطَون منها ما يقوم بكل حاجاتهم في معاشهم ومأكلهم ومشربهم ومسكنهم وتعليمهم وزواجهم وغير ذلك.
- الامتناع من إعطاء مجهولي النسب من الزكاة أو الصدقة بحُجَّة أنهم أولاد حرام فهو اتهامٌ مرسلٌ لا بينةَ عليه ولا دليل؛ لأنه ليس كل من التُقِطَ، أو وُجِد بجوار مسجد أو غيرِه يكون ابنًا للزنا، ولو سلمنا به فهو لا يقتضي عدم إعطائه من الزكاة؛ لأنه لا يجوز أخذ الولد بجريرة والدَيه، وقد أبطل الإسلام ذلك بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.
- أشارت دار الإفتاء إلى أن الزنا ليس من موانعِ إعطاء الزكاة شرعًا لمَن يستحقها إذَا كان زانيًا، فمن باب أولى لا يكون من موانع إعطائها لولده.
- خلصت دار الإفتاء إلى أنه يجوز أن يُنفَق على الأطفال مجهولي النسب من أموال الزكاة والصدقات على حد سواء.
- الأصل في الزكاة ألا تُعطَى إلَّا إلى الأصناف الثمانية المنصوص عليها، وهم الذين ذكرهم الله في كتابه العزيز عندما قال: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾، أي أن الزكاة لهؤلاء المعدودين دون غيرهم.
- صدقة التطوع بابها أوسع من باب الزكاة، من حيث إنه يجوزُ إعطاؤها لتلك الأصناف الثمانية ولغيرها، سواء أكانوا أغنياء أم فقراء، مسلمين أو غير مسلمين، بخلاف الزكاة.
- الزكاة يُشترط فيها ما لا يُشترط في الصدقة؛ كامتلاك أموال معينة، ومرور الحول، وبلوغ النصاب، وإخراج مقدار محدد منها؛ حيث يقول الإمام النووي: “تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف؛ فيجوز دفعها إليهم ويثاب دافعها عليها، ولكن المحتاج أفضل”.