مين وراه؟
الأفروسنتريكظهرت من رحم العبودية ضد السود
وتجلت في عنصريتهم ضد المصريين
“اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس”
- جوزيف جوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر وألمانيا النازية
في فبراير 2023 تم إلغاء عرض “ستاند أب كوميدي” للممثل الأمريكي “كيفن هارت” والذي كان من المقرر إقامته بالقاهرة، وذلك بعد أن دشن رواد مواقع التواصل الاجتماع هاشتاج “كيفن هارت ليس مرحباً به في مصر”
في نفس الشهر أيضا انتشر هاشتاج أخر وهو “وقف مؤتمر أسوان” حيث طالب المشاركون في الهاشتاج بإيقاف مؤتمر “العودة إلى الأصول” والذي كان سيتم عقده بمحافظة أسوان على مدار يومي 25 و26 من الشهر، وأشاروا إلى أن المحاضرين بالمؤتمر قد عقدوه بغرض تمرير أجندة معينة تضرب في تاريخنا.
في أبريل 2023 تسبب الإعلان الدعائي للمسلسل الوثائقي لمنصة “نتفليكس” عن الملكة “كليوباترا”، في غضب كثير من المصريين بسبب تجسيد الفيلم للمصريين القدماء باعتبارهم من أصحاب البشرة السمراء، فيما أكد علماء وأساتذة آثار أن الملكة كليوباترا من أصول مقدونية ولم تكن سمراء، حيث جمع أكثر من 40 ألف شخص توقيعات لوقف عرض المسلسل.
كل الأحداث دي العامل المشترك بينها هو كلمة واحدة… “الأفروسنتريك”
طيب في البداية كدة،
إيه هي “الأفروسنتريك”؟
هي تيار فكري أسسه مثقفون أمريكيون من أصل إفريقي في عشرينيات القرن الماضي، ويهدف أعضاؤه إلى تسليط الضوء على دور الأفارقة السود في تشكيل التاريخ الإنساني، حيث تري هذه الحركة أن الأفارقة السود هم مؤسسي حضارة مصر القديمة، وأن سكان مصر المعاصرين ليسوا من أحفاد المصريين القدماء، بل هم جماعات غزاة أتوا إلى مصر.
وهذه بالطبع أيدولوجية ليس لها أساس من الصحة وهي تستند على ادعاءات عنصرية لا يوجد لها أي سند أو دليل، حيث يسعى الأمريكان السود لإثبات أفضليتهم كرد فعل على سنوات العبودية التي عانو منها، كما يرى المحللون التاريخيون.
في هذا الصدد يؤكد الأستاذ مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، أن “الأفروسنتريك ” ظهرت بعد حملات تحرير العبيد في الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي جعل رغبتهم في تكوين كيان لهم هو الدافع الأساسي للاستمرارية، ويرى أن حلم “الأفروسنتريك” بغزو العالم نتاج طبيعي لعملية الاضطهاد التي عاشوها بشكل كبير.
طيب مين من مصلحته نشر الكلام ده؟
أو بمعنى أصح …
مين ورا الحركة دي؟
ترانزيت الأفروسنترك
بدأت بسبب عنصرية البيض على السود
لتتجلي في عنصرية السود على المصريين
في ستينيات القرن الماضي كان مالكولم اكس الناشط الحقوقي الشهير “صاحب البشرة السمراء” من أشد المؤيدين لحركة “الأفروسنتريك”، حيث قال في لقاء مسجل “عليك الربط بين الرجل الأسود والمصري القديم. عندما تنظر إلى تمثال فرعوني مصري قديم، تأكد أنك تنظر إلى نفسك وإن الرجل الأبيض يريد أن يسرق هذا التاريخ له”.
في سبعينيات القرن الماضي نشر أنتا ديوب عدة كتب، يحاول فيها إثبات أن الحضارة المصرية القديمة تنتمي للأفارقة، وأنتا ديوب هو شيخ ومؤرخ من أصل سنغالي، وهو من أوائل من انتهجوا هذا الفكر.
نيجي بقى لكيفن هارت اللي كنا قولنا من شوية إن حفلته في مصر اتلغت.
هل كيفن هارت مجرد داعم معنوي لأفكار “الأفروسنتريك”؟
التقارير بتقول إن الممثل الأمريكي يمتلك شركة “هارتبيت” والتي بدورها لها حصة ملكية في شركة بلاك ساندز “الرمال السوداء” وهى من أشهر داعمي حركة المركزية الإفريقية أو “الأفروسينتريك”.
وحاليا تقوم هذه الشركة بإصدار قصص مصورة “كوميكس” أبطالها من سكان مصر القديمة ويظهرون بشكل واضح أنهم سود البشرة
طيب هل الموضوع توقف عند دعم الأفراد بس؟
لا طبعا الموضوع أكبر من كدة بكتير
مؤتمر أسوان والذي كان من المقرر عقده تحت اسم “العودة إلى الأصول” مازالت حتى الآن الشكوك تحوم حول منظميه، ولا يعلم أحد من هم ومن أين جاؤوا، أما بخصوص فيلم “كليوباترا” الذي أثار عاصفة من الجدل، فعند النظر إلى الجهة القائمة على انتاجه نجد أنها منصة “نتفليكس” العالمية، والتي عُرفت بإنتاجاتها الداعمة للأجندة الصهيونية مثل مسلسل “الجاسوس” الذي يمجد سيرة الجاسوس الإسرائيلي “إيلي كوهين” والذي انتحل شخصية غير حقيقية باسم كامل أمين ثابت خلال الفترة 1961-1965 في سوريا.
طيب تعالوا نبص من برة أكتر.
في مارس 2023 ذكرت صحيفة “إندبندنت عربية” أن هناك مصدر تحدث اليها – بشرط عدم ذكر اسمه – حيث صرح أن إحدى دول المنطقة رصدت 100 مليون دولار لتمويل أبحاث تدعم نسبة الحضارة المصرية القديمة إلى دول الجنوب.
يا ترى مين هي الدولة دي … وأيه هي مصلحتها؟
علشان نفهم ده محتاجين نرجع بالتاريخ شوية لورا.
في خمسينيات القرن الماضي دعا جمال عبد الناصر إلى الوحدة العربية، الأمر الذي أصاب الكثيرين بالذعر، أولهم كيان ما يرى أن هذه الدعوة بمثابة تهديد لبقائه في المنطقة، لذا كان على هذا الكيان أن يسعى لتفكيك هذه الوحدة بين الشعوب العربية، وذلك عن طريق زرع الشك والريبة في أنفس الشعوب حول أصولهم الحقيقة.
كدة اتضحت الرؤية وعرفنا مين المقصود!
الأفروسنتريك كحرب نفسية
طيب لما نبدأ نشك في أصولنا ونقول إننا مش أصحاب الحضارة دي… ايه اللي هيحصل بعد كدة؟
يؤكد الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أن هذه النظريات والمؤامرات تهدف إلى خلق حالة من التوتر بين الناس وزعزعة الاستقرار وفقدان الثقة، وتشويه الأصل ووضع الأشخاص في حالة نفسية متدنية، واستنزاف الأفكار وإثارة الشكوك وتحطيم المعنويات وفقدان الثقة حتى في أنفسهم، مشيرًا إلى أن تلك المؤامرات تعد من أخطر أنواع الحرب النفسية المتعلقة بالأصل والعرق والعنصرية والهوية، والترويج لهذه الأفكار يتم عن طريق أشخاص يتمتعون بفصاحة التعبير ولغة الجسد وآليات تلك الصناعة.
بس برضه.. إشمعنى الأفروسنتريك اللي عاملة كل الصياح ده؟
هل دي أول مرة حد يدّعي أن هو مؤسس حضارتنا؟
حركة “الأفروسنتريك” ليست الوحيدة التي لديها مزاعم في الحضارة المصرية وليست وحدها التي تنسب تلك الحضارة العظيمة إليها، فسابقاً زعم اليهود أنهم من بنوا الأهرامات، ويزعم مؤرخون أرمن أن الملكة “نفرتيتي” هي بالأصل أميرة أرمينية تزوجت حاكماً مصرياً قديماً.
الخلاصة…
هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها أشخاص السطو على بعض أحداث الحضارة المصرية، ولكن هذه المرة الأولى التي نرى فيها محاولة شاملة للتشكيك في كل ما هو معروف ومسجل في كتب التاريخ.
الزخم الإعلامي المصاحب للأفروسنتريك نابع من أن معظم المؤمنين بهذه الفكرة من مشاهير هوليوود أصحاب البشرة السمراء.
الأفروسنتريك ما هي إلا رد فعل من أصحاب البشرة السمراء في الولايات المتحدة على وجه التحديد لما لاقوه من عبودية في السابق واضطهاد وعنصرية من بداية القرن العشرين حتى الآن، وظهر ذلك في حركة الحقوق المدنية التي ملئت الدنيا ضجيجا على يد مارتن لوثر كينج ومالكولم أكس وحركة الفهود السوداء الإرهابية، وفي أدبيات تلك الحركات يرون الإنسان الأبيض بمثابة عدو يحاول اضطهادهم دائما وسرقة مقدراتهم وهم من يحاولون استرداد ما لهم من حقوق، ولذلك لضيق التفكير يعتقدون أن كل شيء في الحياة يدور في فلك هذه الفكرة فيظنون أن التاريخ المصري القديم ما هو إلا نتاج عمل “الإنسان الأبيض” الذي يضطهدهم في الولايات المتحدة وبالتالي يرون في تمردهم على ما هو معروف بالدليل عن الحضارة المصرية تمرد على هذا الاضطهاد، وكأن الولايات المتحدة بقضاياها وثقافاتها هي مركز الكون.