الإشاعة:
في الساعات الأخيرة أثار خبر افتتاح مطعم داخل قصر عابدين التاريخي حالة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، ووجه الكثيرون الاتهامات للجيش المصري باعتباره صاحب تلك “الخيمة الرمضانية” التي تنتهك قيمته التاريخية بهدف التربح. وادعى البعض أن تحويل القصر إلى مطعم بشكل دائم سيجعله عرضه للتشويه واتلاف القطع الأثرية داخله.
وانتشرت تلك الأنباء بشكل سريع على فيسبوك وتويتر بعد ما ساعدت العديد من الصفحات كـ”رصد” و”مزيد” على نشره وتلك الصفحات معروفة بمعارضتها المستمرة للحكومة المصرية.
الحقيقة:
بعد الفحص والتدقيق يتبين أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة، بل ما يُنشر ما هو إلا معلومات مغلوطة بهدف اثارة الرأي العام.
فبعد الرجوع للصفحة الرسمية للمطعم المشار إليه يتبين أنه مطعم “مولاي” السياحي الشهير الذي يتبع سلسلة فنادق الفورسيزنز العالمية وطبقا للموقع الرسمي فهو “يحاول تقديم تجربة تمتزج فيها الأصالة التاريخية والتجربة السياحية مع الجودة العالية للطعام”.
وغالبا تلك التجربة تقتصر لعدد محدود من الأيام تمتد على مدار شهر رمضان فقط وتُقدم في إطار سياحي.
وهذه السنة هي الثالثة له حيث قدم المطعم نفس التجربة سابقا في المتحف القومي للحضارة في 2021 وقلعة صلاح الدين الأيوبي في 2022، حيث يوفر المطعم لرواده جولة سياحية داخل المعلم التاريخي بالإضافة لتقديم الطعام كما يقتصر تقديم وتناول الطعام على جزء محدد مسبقا وليس المعلم ككل.
مما سبق ينتفي الادعاء الخاص بأن القصر بالكامل سيتحول لمطعم بشكل دائم مما سيعرض القطع الأثرية داخله للتشويه كما يقضي على الادعاء الخاص بأن الجيش المصري هو صاحب تلك “الخيمة الرمضانية”.
أما عن الادعاءات بأن إقامة المطعم أو أي فعاليات عموما كالحفلات والأفراح داخل الأماكن التاريخية كالقصور والقلاع والمتاحف ينتهك من تاريخ وعراقة تلك المعالم التاريخية، فهذه تصريحات مغايرة للواقع تماما حيث تسعى العديد من دول العالم لتعظيم الاستفادة من معالمها التاريخية كالقلاع والقصور بجعلها مكان لإقامة العديد من الأنشطة لجذب السياحة وعلى سبيل المثال قصر فرساي العريق في فرنسا الذي افتتح فندقا داخله في 2021 مما يتيح للمسافرين فرصة الإقامة في قلب أحد أكثر الأماكن فخامة في العالم التي يعود تاريخها للقرن السابع عشر أي أقدم من قصر عابدين بقرنين تقريبا.
وكذلك أيضا متحف اللوفر في أبو ظبي الذي كشف مؤخرا عن جدول فعالياته خلال شهر رمضان الحالي والذي تضمن تقديم وجبات الإفطار في حديقة المتحف من قبل أشهر المطاعم العالمية بالإضافة إلى إقامة معارض تحت قبة المتحف.
ولا يقتصر الامر على الفنادق والمطاعم فقط، بل يمتد لحفلات الزفاف أيضا، حيث كثيرا ما يقيم المشاهير حفلات زفافهم في قلاع أوروبا القديمة التاريخية والتي تعود للقرون الوسطى أبرزها حفل زفاف الممثل العالمي توم كروز في 2006 الذي أقامه في قلعة براتشانو الإيطالية والتي تعود للقرن الخامس عشر.
وغيرهم الكثير والكثير من الأمثلة على استغلال العديد من دول العالم لقصورها ومتاحفها التاريخية في جذب ودعم الحركة السياحية لتعظيم الاستفادة منها.