الإشاعة:
أثار بعض رواد منصات التواصل الاجتماعي من غير المصريين، حالة من الجدل بطرحهم تساؤل عما إذا كانت مدينة أسوان مصرية أم سودانية، وذلك وسط الأحداث الجارية في السودان الآن، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن بعضهم قد وصف أسوان بـ”المحتلة من قبل مصر”، لذا وجب توضيح بعض الحقائق.. علشان محدش يضحك عليك.


الحقيقة:
على الصعيد الجغرافي
– تقع أسوان على الضفة الشرقية للنيل عند الشلال الأول وإحداثياتها 24.05 ش 32.56 ق عند خط عرض 22 شمال مدار السرطان، ووفقا لاتفاقية الحكم الثنائي بين مصر وإنجلترا عام 1899 والتي تعد السند القانوني لتحديد الحدود الدولية بين مصر والسودان، فإن الحدود المصرية السودانية تمتد على شكل خط مستقيم، وهو خط عرض 22 شمالا من العوينات حتى ساحل البحر الأحمر، وبالتالي فأسوان تقع في نطاق الحدود المصرية بشكل واضح لا لبس فيه.
– أكدد. مفيد شهاب، أستاذ القانون الدولي ورئيس جامعة القاهرة الأسبق، في تصريحات له أن القاعدة الثابتة أنه عندما تُحدد الحدود باتفاق دولي لا تتغير أبدًا، حتى وإن حدثت حروب بين الدولتين فالحدود ثابتة لا تتغير، إذ أن معاهدات الحدود هي اتفاقيات دولية لا تتغير أبدًا إلا برضا الطرفين، لأن الحدود تتميز بأنها تُحدد ويسودها عدة مبادئ هي: “استقرار الحدود” و”توثيق الحدود”، و”نهائية الحدود”، لذلك فإن حدود الدولة المصرية محددة وثابتة منذ عام 1899 وتضم مدينة أسوان في نطاق أراضيها، وذلك وفقًا لخريطة مصر الرسمية الصادرة من الهيئة العامة للمساحة.

على الصعيد التاريخي
– تذكر المراجع التاريخية أن الألفية الرابعة قبل الميلاد هو التاريخ الأكثر دقة لظهور مدينة أسوان، حيث كانت تُعرف باسم “سونو” في عصور المصريين القدماء، ومعناها السوق لأنها كانت مركزا تجاريا هاما للقوافل القادمة من وإلى النوبة، ثم أطلق عليها البطالمة اسم “سين” وسماها النوبيون بعد ذلك “يبا سوان”.
– لعبت أسوان دورًا فاصلًا في تاريخ مصر في محاربة الهكسوس وطردهم من الأراضي المصرية على يد الملك أحمس مؤسس الأسرة الثامنة عشر.
– لا تخلو جدران كل المعابد في أسوان من النقوش الهيروغليفية وهي اللغة التي كانت مستخدمة في الحضارة المصرية القديمة، مما يدل على أن هذه المنطقة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ المصري.
– امتد بناء الآثار والمعالم التاريخية بأسوان على مدار التاريخ خاصة الفرعونية بداية من جزيرة إلفنتين والتي تضم المعبد الأول (ترجع أصوله إلى الأسرتين الأولى والثانية أي خلال الحقبة 2800 قبل الميلاد)، وأيضا المعبد الثاني (ترجع أصوله إلى الأسرة السادسة أي خلال الحقبة 2250 قبل الميلاد)، مرورا بمعبد حتحور بفيلة والذي تم بناؤه على يد البطالمة قبل عام 116 قبل الميلاد، ووصولا إلى المقابر الرملية البسيطة التي تعود إلى القرن الأول الهجري والتي دفن بها الصحابة والتابعين الذين عايشوا حقبة الفتح الإسلامي لمصر واستشهدوا في أسوان خلال معارك خاضوها للدفاع عن حدود مصر بعد الفتح.
– تشير المراجع التاريخية إلى أن أسوان من أقدم مدن مصر، حيث إن أقدم أعمال البناء فيها تمت في أواخر عصور ما قبل التاريخ وامتدت حتى العصر الإسلامي المبكر، أي أنها تشمل تاريخ مصر القديمة في كل العصور وحتى الحقبة اليونانية الرومانية.
– تأسست أول مدرسة حربية في مصر بمدينة أسوان عام 1837 وذلك على يد محمـد علي باشا الكبير.
وهذه كلها أدلة تاريخية تؤكد أن مدينة أسوان هي مكون أساسي في التاريخ المصري وحارب المصريون من أجل الحفاظ عليها منذ آلاف السنين.
على الصعيد السياسي
– لوحظ أنه مع ظهور أي أزمة تخص السودان الشقيق تبدأ بعض الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي في التشكيك في شرعية سيادة مصر على أراضيها على غرار ما حدث مع حلايب وشلاتين كمحاولة لإثارة الفتن والأزمات بين شعبين شقيقين، لذا فعلى خلفية أحداث السودان الجارية، بدأت تلك الحسابات في التشكيك في مصرية أسوان، وتبين أن هذه الحسابات تخص أشخاصًا ينتمون إلى كيانات دأبت على التشكيك في السياسات المصرية ربما من منطلق الاستفزاز السياسي، حيث إن أحد هذه الحسابات يخص الصحفي الإسرائيلي “إيدي كوهين” الذي يعد من أشهر المدونين الإسرائيليين على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” وهو دائم الهجوم على الدولة المصرية وتوجيه الانتقادات لها، هذا ويشاركه حساب آخر لشخص يدعى “مهدي مجيد” وصفته تقارير بأنه صحفي من أصل كردي عراقي ومثير للجدل، إذ يرتبط بصداقات مع كبار الشخصيات الإسرائيلية وذلك عقب زيارته لإسرائيل بصحبة وفد إعلامي ولقائه بالمتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي والتقاطهما صورة تذكارية معًا تداولتها مواقع إلكترونية وتواصل اجتماعي.

وبالتالي ومن خلال الإحداثيات الجغرافية والوثائق التاريخية والشواهد السياسية، يتأكد للجميع أن أسوان مصرية الجذور والتاريخ والمنشأ والأرض والسكان، وأي أقاويل بخلاف ذلك ما هي إلا مجرد ادعاءات لا تستند إلى أي أساس حقيقي أو ملموس، بل ساقتها بعض الأطراف بهدف زعزعة الاستقرار والتشكيك في سيادة الدولة المصرية على أراضيها وزرع بذور الخلاف بين شعبين شقيقين.