احتلت تطبيقات التواصل الاجتماعي جزءًا كبيرًا من حياة أغلب سكان العالم، وأصبح لدى كل طفل وشاب جهاز ذكي أو محمول خاص به يتابع من خلاله هذه التطبيقات إلى حد الشغف بها، ومن أشهر هذه التطبيقات هو تطبيق “تيك توك”، ومع زيادة استخدامه بدأت المخاوف من تأثيره على الأطفال والشباب.
علشان كده هنقولك تقلق ولا متقلقش من استخدام أبناءك لتطبيق “تيك توك”!.
يعد تطبيق “تيك توك” واحدة من أشهر تطبيقات التواصل الاجتماعي التي ذاع صيتها في الفترة الأخيرة بين الشباب على وجه التحديد والمراهقين، وزاد عدد مستخدميها على مستوى العالم في فترة الحجر الصحي الخاصة بجائحة كورونا كوفيد-19.
23 مليون مواطن حاليًا في مصر يقومون باستخدام “تيك توك”، مما يجعل مصر الدولة رقم 12 عالميًا في الدول الأكثر استخدامًا للتطبيق الموجود على أجهزة 3 مليار شخص، ويتفاعل عليه شهريًا بشكل نشط مليار شخص.
ويقضي المستخدمون أوقات فراغهم على التيك توك وغيره من التطبيقات بغرض الترفيه ومشاهدة أشياء مختلفة تكسر روتين يومهم المعتاد، وقد تمضي ساعات مستمرة في استخدام هذه التطبيقات ومشاهدة آلاف الفيديوهات القصيرة يوميًا.. وقد يبدو الأمر من الخارج بسيطًا لكنه ليس كذلك أبدًا!
حيث يشارك الكثير من مستخدمي “تيك توك” في التحديات المنتشرة على التطبيق والتي تصبح “تريند” من وقت لآخر، مما يدفع الجميع للحاق بالتريند تحت ضغوط مجتمعية تفرض المشاركة في كل موضة حديثة، لكن ليست تحديات “تيك توك” كلها بسيطة كمحاولة تقليد مشهد أو أغنية، لكن هناك تحديات قد تؤدي خطورتها إلى الموت، بل وتجتذب ملايين الأطفال لمشاهدتها وفي بعض الأحيان تقليدها.
من ضمن هذه التحديات، تحدي طهي الدجاج في الأدوية ثم أكلها، وانتشار التحدي جعل إدارة الغذاء والدواء بالولايات المتحدة الأمريكية تحذر من القيام بذلك التحدي نظرًا للضرر الذي قد تسببه العناصر الكيميائية الموجودة بالأدوية إذا تعرضت للحرارة، وهناك أيضًا تحدي حبس الأنفاس حتى الإغماء والذي انتشر بين الأطفال وتسبب في حدوث حالات وفاة عديدة تراوحت بين 15 و 20 حالة وفاة.
وبعيدًا عن تحديات “تيك توك”، ففي مصر تسبب التطبيق في توجيه تهم الإتجار بالبشر لفتاتين من رواد التطبيق في مصر هم: مودة الأدهم وحنين حسام، وتم الحكم عليهما بالسجن بمجموع سنوات بلغ 16 سنة مع الغرامة المالية، وذلك لتسببهم في إقناع طفلتين دون سن الـ 18 في التربح المادي من خلال العمل بإحدى المنصات التابعة لأحد التطبيقات الإلكترونية، والذي تم الكشف فيما بعد أنه يتم استخدامه في أعمال الدعارة.
التحديات المميتة على “تيك توك” لم تكن سوى بداية دقت ناقوس الخطر لمستخدمي التطبيق، الذي اتضح أن هناك عوالم خفية يحملها التطبيق لمستخدميه ويبتلعهم فيها، والآن نستعرض أبرز ثلاثة تأثيرات لـ “تيك توك” على الأطفال وكذلك المراهقين.
عقلية “تيك توك” Tiktok brain
مصطلح يشير إلى تأثير الإفراط في مشاهدة المقاطع القصيرة، مثل تلك التي يقدمها “تيك توك”، على الإدراك البشري والأداء العقلي العام، وتسببها في تقليل فترة انتباه الأطفال.. فصاروا يملون من أي شيء تتعدى مدته الدقيقة، لأن عقولهم اعتادت على مستويات الدوبامين المرتفعة التي يتم افرازها بمشاهدة مقاطع التيك توك القصيرة.
ويشدد مطلقو المصطلح إلى أن الأكثر تأثرًا هم الأطفال بهذه الظاهرة؛ لأن نموهم العقلي لا يكتمل إلا بالوصول لعمر 25 سنة، حتى أن الأطفال الذين صارت لديهم “عقلية تيك توك”، أصبحت الأفلام السينمائية والكرتونية غير ممتعة بالنسبة لهم. لأنها طويلة مقارنة بالفيديوهات القصيرة على تيك توك.
وتؤكد على ذلك دراسات أثبتت أن الانغماس في مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة على موقع تيك توك يتسبب في ضرر بأدمغة الأطفال، مشيرة إلى أن هذا التأثير السلبي تظهر انعكاساته على قدراتهم المعرفية وتركيزهم خلال الدراسة، وقد كشفت دراسة، نشرتها شركة “ساج” للنشر في إحدى دورياتها العلمية، أن ازدياد الشعور بالملل لدى الأطفال والمراهقين يرتبط بشكل وثيق بزيادة التعرض للتكنولوجيا عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الألعاب الإلكترونية، والذي ينتج عنه فيما بعد حدوث الإدمان الرقمي.
ومن ناحية أخرى، وفي مسح استقصائي نشر نتائجه موقع وايرد حول الضرر الذي تسببه المقاطع القصيرة، أظهرت النتائج أن 50% من مستخدمي “تيك توك” لم يعد باستطاعتهم مشاهدة المقاطع التي تزيد مدتها على دقيقة، وأصبحت تمثل لهم ضغطًا وإرهاقًا.
- الإدمان
دعونا نتعرف في البداية على آلية عمل تيك توك، يعتمد تيك توك على خوارزمية لتخصيص المحتوى لكل مستخدم وفقًا للمقاطع التي شاهدها من قبل، والمدة التي قضاها في المشاهدة، فالخوارزميات تفهم أن المقطع التي شاهدته للنهاية أعجبك محتواه، وتفهم أن المقطع الذي لم تكمله فإنه لم يثير اهتمامك، وهذا يعني أن المستخدمين قد يتعرضون فقط لنوع معين من المحتوى أو يتم عرض آراء ومعلومات مشوشة لهم تتعارض مع الواقع العلمي، وهو ما قاله خبير التسويق الإلكتروني محمد صادق.
فإذا شاهدت عدة مقاطع قصيرة لقطط مع أصحابها، ستجلب لك خوارزميات التطبيق كل الفيديوهات المشابهة، وفي وقت قصير قد تجد كافة الفيديوهات التي يتم ترشيحها لك هي عبارة عن فيديوهات قطط، مما يجعلك تقضي ساعات أطول أمام التطبيق، ولا تتعجب إذا وجدت أن الإعلانات التي تظهر لك كلها عبارة عن أدوات لقطط، أو طعام لقطط، فالخوارزميات قد أدركت ما تحبه أنت وصارت ترشح لك كل ما يدخل في نطاق ما تفضل مشاهدته، وهو أمر آخر يتعلق بعدم وجود خصوصية أو سرية للمعلومات، واستخدام سجل مشاهداتك السابقة لخدمة الشركات التي تبيع منتجات تقع في دائرة اهتماماتك، حتى الإعلانات تصير محتوياتها مخصوصة من أجلك.
يصف الخبراء أن عملية متابعة “تيك توك” لفترة طويلة تؤدي إلى الإدمان، فإن مشاهدة نوع معين من الفيديوهات القصيرة عبر التطبيق التي تبلغ مدتها الزمنية 30 ثانية، تجعل خوارزميات التطبيق تتعرف على تفضيلات المستخدم وهواياته فتقوم بإظهار الفيديوهات المشابهة لهذه الهوايات، مما يجعله يقضي وقتًا أطول في تصفح هذه الفيديوهات القصيرة، ومع كل فيديو يستمر إفراز مادة الدوبامين في المخ، بطريقة مشابهة لما يحدث أثناء تعاطي المخدرات.
فيما قال خبراء في الطب النفسي بإحدى الجامعات الدولية إن الفيديوهات القصيرة مثل الحلوى تعطي دفعة من هرمون الدوبامين تطلقه مراكز المتعة في الدماغ وتعزز الشعور بالرضا، وغالبًا ما تتسبب هذه الدفعة في الرغبة بفعل المزيد من هذا الأمر مثل لهفة الأطفال في متجر الحلوى.
ومثل هذا الإدمان يؤدي على المدى البعيد لتفضيل الطفل الانعزالية والإصابة بالاكتئاب، مما قد يؤدي فيما بعد لمخاطر التعرض إلى الانتحار والتوتر واضطراب الأكل العاطفي.
- التركيز ومهارات القراءة
أثبتت الدراسات العلمية تفوق المحتوى المرئي دائمًا على النصوص المكتوبة التي يتم بثها على مواقع التواصل الاجتماعي، ويرجع ذلك إلى أن دماغ الإنسان لا تستطيع معالجة النصوص المكتوبة بنفس السرعة التي تعالج بها المحتويات المرئية، لذلك فمع مشاهدة المقاطع المرئية طوال الوقت تضعف مهارات القراءة بشكل ملحوظ، خاصة عند الأطفال، وتحديدًا لدى من يستخدمون المنصات التي لا تحتوي على أي محتوى مكتوب مثل “تيك توك.”
إلى جانب مشكلات القراءة، تتفجر مشكلة أخرى تتمثل في ضعف الانتباه لدى الأطفال، فيعاني الأطفال من صعوبة التركيز خلال ممارسة بعض الأنشطة العقلية مثل حل المعادلات الحسابية والقراءة، وهي أنشطة تستلزم من الذي يقوم بها بأن يقوم بالانتباه الموجه لهذه الأنشطة، أي يحافظ على انتباه ويوجهه ناحية ما يقوم به بشكل إرادي.
بعد كل اللي قولناه بنقولك لو انت أو أطفالك بتستخدموا تطبيق “تيك توك“ يبقى…
تقلق..
لكن في نفس الوقت الحل مش في المنع لكن في الترشيد، ودي أساليب ممكن تتبعها لحماية نفسك وأسرتك من كل مخاطر تطبيق “تيك توك“:
- تفعيل نظام الحماية الأبوية
يضمن النظام عدم التعرض للمحتويات غير المناسبة في التطبيق، ويمكن الأبوين من متابعة أطفالهم وما يتعرضون له من محتويات.
- تخصيص وقت محدد لاستخدام الهاتف أو التطبيق
تحديد وقت معين في اليوم لاستخدام التطبيق يساعد على الحد من التأثيرات السلبية الناجمة عنه، ويمكنك متابعة استخدامه عبر الهاتف لمعرفة الوقت الذي يتم إسرافه أمام هذه التطبيقات، من أجل تحجيم آثارها السلبية.
- قضاء المزيد من الوقت مع العائلة
ذلك يؤدي لمعرفة الطفل قيمة العائلة لديك كأب أو كأم، وبالتالي سيقلدك في احترام الوقت العائلي، وكذلك يؤدي للتعرف على ما يتابع الطفل لمعرفة ما إذا هناك شيء يمثل خطورة لتوجيه النصيحة له، وعلى الجانب الآخر يؤدي ذلك الأمر إلى إشباع الاحتياجات النفسية والعاطفية للأطفال، فلا يجعلهم يبحثون عن إشباع هذه الحاجات عند الغرباء أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
- تبديل التطبيقات
تنزيل تطبيقات خاصة بالألعاب العقلية وحل الألغاز على الهاتف ومحاولة حلها مع الطفل، مما يساهم في شغل وقته بشكل ترفيهي لا تخلو منه روح المنافسة والتحدي والمغامرة وفي نفس الوقت لا يكون مضرًا بالنسبة له.