لعبة البترول.. هتودينا لفين؟
في إبريل 2023 فاجأ منتجو النفط في تحالف “أوبك+”، وهم السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وسلطنة عُمان بالإضافة إلى الغابون، عن تخفيض طوعي في إنتاج النفط بواقع 1.657 مليون برميل يومياً بداية من مطلع شهر مايو المقبل حتى نهاية 2023، وبلغت حصة السعودية وروسيا من الخفض الطوعي 500 ألف برميل يومياً لكل منهما.
وتلك هي المرة الثانية في أقل من عام، حيث قام التحالف في أكتوبر الماضي بتخفيض الإنتاج بواقع مليوني برميل يوميًا، في خطوة تم وصفها بأنها إجراء وقائي للحفاظ على استقرار السوق.
تخفيضات الإنتاج النفطي تأتي ضد رغبة الولايات المتحدة في زيادة الإنتاج لتقليل الأسعار أو على الأقل الحفاظ عليها كما هي، وقد أعلن الرئيس الأمريكي بايدن على إثر خفض الإنتاج في أكتوبر الماضي أن السعودية “ستعاني من عواقب”
كما أكدت استياءها أيضا من قرار الخفض الأخير.
فهل كان التخفيض الأخير ورقة سياسية أم له دوافع مشروعة؟
أكدت اللجنة المشتركة لتحالف أوبك+ أن التخفيضات الأخيرة جاءت بشكل فردي من كل دولة على حدا، في خطوة تهدف إلى تجنب أن يجد التحالف نفسه في مواجهة مباشرة مع واشنطن.
كما يرى العديد من المحللين أن قيام الدول النفطية عامة بخفض الإنتاج يهدف بالأساس إلى الحفاظ على عوائدهم من النفطية عكس ما سيحدث إذا تم إغراق الأسواق العالمية بالنفط مما سيؤدي لانخفاض حاد في سعر البرميل.
ولهذا يرى خبراء أن مجموعة أوبك+ تحاول الحفاظ على سعر 80 دولارا للبرميل عبر هذه الإجراءات وذلك على المدى المتوسط.
خصوصا مع الانخفاض المتتالي لأسعار النفط في الفترة الأخيرة من 85 إلى 80 دولارا، وهو أدنى مستوى له في 15 شهرا، لهذا سعت الدول إلى الحفاظ على الأسعار من الانهيار أكثر من ذلك وعدم الانتظار للاجتماع المرتقب للتحالف في يونيو المقبل.
إذن السؤال الذي يفرض نفسه حاليا هو:
ماذا سيحدث لأسعار النفط العالمية في الفترة المقبلة؟
يستهلك العالم أكثر من 100 مليون برميل من النفط يوميًا، لذلك قرار خفض انتاج النفط بواقع 1.6 مليون برميل بالتأكيد سيكون له تأثير ملحوظ على حركة الأسعار خلال الفترة المقبلة خصوصا مع حساب زيادة الطلب الصيني على النفط.
ولهذا رأينا زيادة في أسعار النفط بنسبة 8% مباشرة بعد الإعلان الأخير.
كما يتوقع المحللون ارتفاع أسعار النفط العالمية إلى مستويات فوق 95 دولارًا للبرميل على المدى القصير.
ولهذا يجب أن نسأل، إحنا فين من كل ده؟
هل تتأثر مصر بقرار خفض إنتاج النفط؟
يرى الكثير من المحللين أن قرار خفض الإنتاج عموما لن يؤثر على مصر إلا بشكل طفيف لأن مصر لديها مخزون كافي من المنتجات البترولية.
كما أن الحكومة المصرية نجحت في تطبيق عدة برامج لترشيد استخدام النفط كبرنامج إحلال السيارات المتقادمة، التي تعتمد على البنزين والسولار، بالغاز الطبيعي بهدف تقليل فاتورة الاستيراد في ظل زيادة أسعار النفط.
طبقا لرئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي فإن مصر في طريقها لتحقيق الاكتفاء من المنتجات البترولية خلال عام 2023، أي أنها لن تحتاج لاستيراد منتجات بترولية كالبنزين والسولار، بل تمتلك القدرة على تصنيع هذه المنتجات بشكل كامل، ما عدا الزيت الخام الذي ستظل مصر تستورده.
وبفضل الاكتشافات الأخيرة نجحت مصر في أن تحقق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، بل وتقوم بتصدير الفائض والاستفادة من الأسعار المتزايدة للغاز الطبيعي.
كما أصبحت القاهرة مركزًا إقليمي للطاقة في الشرق الأوسط وبالتالي فالوضع المصري مختلف كثيرا عما سبق.
وليست الاكتشافات النفطية الأخيرة هي فقط ما سيحمي مصر من تأثيرات تقلبات أسعار النفط حيث إنه من المعروف أن أحد حلول أزمة الاعتماد على النفط هو اتجاه الدول للطاقة المتجددة، ومصر لديها أكبر مصادر للطاقة المتجددة من الرياح والشمس في الشرق الأوسط، ومن أسرع الدول في إفريقيا في التحول نحو الاقتصاد الأخضر الذي بدأته منذ عدة سنوات عبر العديد من المشاريع كمشروع بنبان الذي يعد أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في العالم.
من جميع ما سبق.. ومن الأخر..
مع خفض إنتاج النفط..
متقلقش!