الإشاعة:
انتشر فيديو في الفترة الماضية للإعلامي محمد ناصر، من برنامجه “مصر النهارده” على قناة مكملين، يتحدث فيه عن توسع البنك المركزي المصري في إصدار أوراق نقدية جديدة فئة “200 جنيه” موقعة من محافظ البنك المركزي الجديد حسن عبد الله الذي تولى منصبه منذ 6 أشهر فقط وهذا ما اعتبره ناصر أمرًا كارثيًا، حيث إن الإصدار يتم دون إقدام البنك على التخلص من الأوراق النقدية القديمة ويستدل في ذلك على استمرار وجود أوراق نقدية بتوقيع المحافظين السابقين هشام رامز وطارق عامر، وتأتي طباعة النقود على حد تعبيره بهدف سد الديون المحلية للحكومة والمتمثلة في رواتب الموظفين، بما يؤدي إلى استمرار ارتفاع معدلات التضخم في مصر.
الحقيقة:
بالبحث والتقصي عما تداوله محمد ناصر، تبين أن تلك المعلومات غير صحيحة وغير دقيقة ولا تستند إلى القواعد المرتبطة بإصدار الأوراق النقدية.
فأولا كلامه لم يشر فيه إلى أي دليل حول التوسع في طباعة الـ200 جنيه وكلها محض ادعاءات بسبب ورقة واحدة عليها توقيع المحافظ الجديد.
ثانيا ادعاءه بأن وجود ال200 جنيه بتوقيع المحافظ الجديد مع استمرار وجود العملات النقدية بتوقيع المحافظين السابقين يعني أنه لم يحدث إحلال واستبدال للعملات ما هو إلا قصور واضح في فهم آلية طباعة النقود من قبل البنوك المركزية عموما أو ربما تغاضي عن توصيل المعلومة الصحيحة لغرض خاص به.
حيث إن طباعة النقود من قبل البنك المركزي لابد أن يقابلها رصيد من الاحتياطات الدولية، وأنه لا تتم طباعة النقود في البنك المركزي بدون غطاء، والاحتياطات الدولية في مصر تتألف من الأصول بالعملات الأجنبية والودائع والأوراق المالية والذهب، وحقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي. وقد بلغ صافي الاحتياطيات الدولية 34.4 مليار دولار أمريكي في نهاية شهر مارس 2023.
ويقوم البنك المركزي بإصدار النقود وفقًا لمعادلة حسابية تراعي معدلات التضخم ونسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي، ومن أخر تقارير رسمية فقد بلغت نسبة النقد المصدر إلى إجمالي الناتج المحلي 10.7% في شهر ديسمبر، مقارنة بـ 10.4% في شهر نوفمبر وشهر أكتوبر، ومقارنة ب10.7% شهر يونيو، أي أنه لا يوجد أي اختلاف جوهري في نسبة النقد المصدر عن الفترة التي سبقت تولي حسن عبدالله منصب محافظ البنك المركزي.
كما أن البنكنوت المطبوع يتأثر ارتفاعًا أو انخفاضًا وفقاً لعملية طباعة النقود ووفقًا لإحلال وتجديد النقد من العملة المحلية بكافة فئاتها الورقية التالفة ووفقاً لمتطلبات السوق من الكاش، وهو ما يتم بشكل دوري، وهذا لا يعني بالضرورة دائماً أن كل ورقة يتم إصدارها يقابلها ورقة يتم إعدامها، كما أن وجود فئات عملات تحمل توقيع المحافظين السابقيين للبنك المركزي لا يعني أنه لم تتم عمليات إعدام لفئات مماثلة تحمل نفس التوقيعين، ومن المستحيل أن يتم إعدام كل فئات العملات النقدية لكل محافظ سابق.
وذلك علاوة على أن وزارة المالية هي المسؤولة عن إدارة أمور العجز المحلي، ومنها رواتب الموظفين وليس البنك المركزي، وبالتالي لا توجد علاقة بين التوسع في إصدار النقود واستخدامها في سد العجز المزعوم، حيث إنه في حالة وجود عجز فيما يخص ذات الشأن، قد تقوم وزارة المالية بإصدار السندات وأذون الخزانة لسد هذا العجز المالي، حيث إن البنك المركزي جهاز مستقل تماماً عن الحكومة، وليس له دور في سد هذا النوع من العجز.
وجدير بالذكر أن حسن عبد الله تولى منصب محافظ البنك المركزي في أغسطس 2022، أي منذ ما يقرب من ثمانية أشهر وهذه فترة معقولة جداً لإصدار عملات ورقية جديدة، وبطبيعة الحال يجب أن تحمل العملات الورقية المصدرة توقيع المحافظ الحالي.
يشار إلى أن الإعلامي محمد ناصر معروف بموالاته لجماعة الإخوان التي تصنفها الحكومة المصرية بأنها إرهابية، وهي جماعة دائمة الهجوم على الدولة المصرية والتشكيك في وضعها الاقتصادي حتى وإن كانت الأدلة غير منطقية أو غير واقعية.